بتول طه كاتبه تتخطي حاجز المفروض
كل عصر وليه مشاكله، ومشاكل عصرنا الحالى صعبة جدا، واللى أهم من المرض الجسدى هو المرض النفسي، والأمراض النفسية آفاقها كتير جدا .. الكاتبة اللي اقل ما يتقال عنها إنها “مثيرة للجدل” بتول طه السيدة اللي اختارت أن تتحلى بالشجاعة والجرأة وسلطت الضوء من خلال شخصيات رواياتها على مجموعة مستخبية في بلداننا العربية اللي لسه الكتير منا بيرفض الكلام عنها تحت مبرر “العيب” وساعات بيوصل باتهامها بالانحلال الأخلاقي وقد إيه رواياتها هادمة لقيم المجتمع . بالرغم من وجود رجال يُسمح لهم بالجرأة الشديدة على عكس النساء!
بتول من مواليد 92، كملت دراستها بكلية التجارة جامعة الأزهر ومكنش ليها اي كتابات قبل عام 2017 اللي بدأت فيه بنشر أولى رواياتها إلكترونيا على موقع الواتباد “ترويض آدم”.. اللي بالمناسبة مفيهاش أي انحلال أو هدم لقيم المجتمع كما يدعي البعض!
بدأت بعدها في لفت الإنتباه بجرأتها الشديدة خلال رواية “كما يحلو لي” التي تتحدث فقط عن السادية بين رجل وزوجته والطريقة اللي ممكن الست تقبل بيها حاجة زي دي تحت مسمى “الحب وعلشان جوازي يكمل ومش عايزة مشاكل” زي بالظبط أي زوجة سلبية في مجتمعنا بترضخ لتحكم وعلاقة جنسية مليئة بالإذلال والعنف والأنانية ولكن كان لازم في النهاية تدخل مختص لحل المشكلة بينها وبين جوزها..
بعد كده بدأت في تسليط الضوء واحدة واحدة على مصايب المجتمع زي الطبقة الراقية اللي بتستخدم ألفاظ بشعة في روايتها “جسارة الإنتقام” وتطرقت فيه لعلاقة الأم والإبن المهووس برضاء أمه وبرضو تطرقت للإغتصاب الزوجي وفيما بعد التغلب على فوبيا اقتراب الراجل من زوجته بسبب احدى العوامل النفسية واللي كان هو السبب فيها، في إطار درامي واقعي..
وفي يوم وليلة قدمتلنا وجبة دسمة من الشخصيات السادية المؤذية في ثلاثية ظلام البدر اللي اول جزء فيها ضمت أكتر من صورة مجتمعية بحتة للطفل المظلوم من أهله والعنف اللي بيتلقاه الطفل على إيد والده ووالدته والغريب كان الهجوم عليها مع إننا بنسمع وبنقرا الحوادث دي كل يوم في الجرايد وبنلاقيها على الـ Social media!
وفي تاني جزء سلطت الضوء على شخصية بنت هيسترية بحتة بينتابها نوبات صرع نفسي في إطار درامي ومجتمعي مليان عيلة وحب ومشاعر وحالات من الطمع المؤذي اللي بيدمر الناس وحب المادة في المقام الأول لسيدة تناست تماما أنها أفسدت خمس أبناء على حساب طموحها!
أمّا بقى الجزء التالت اللي لغاية دلوقتي محير الناس معاها فهو وبعد نشر حوالي نصف الرواية (بدون وجود مشاهد جريئة) غاصت في صلب المجتمع وفي صلب الشخصية السيكوباتية البحتة بإستعراضها لحياة الطفل والشاب والرجل “شهاب الدمنهوري” اللي من بعيد تشوفه رجل مثالي شاب وسيم ذكي لبق ناجح في شغله وأول ما تدخل في شخصيته تلاقي الصورة الكاملة المتكاملة لذروة المرض النفسي المتمثل في تشخيصه بالسيكوباتية..
مش مجرد رواية وحدوته وقصة رومانسية لأ دي بمنتهى السهولة بينت الأعراض ( الخداع والمراوغة، اللامبالاة، الأنانية، الكذب المستمر، أضمحلال المشاعر، اللامسؤلية، جنون العظمة، القسوة وعدم التعاطف مع الآخرين، ضعف المشاعر، عدم وجود الثقة في الآخرين ) وكمان جابت صورة للإلحاد، المجتمع المتنمر، والأب البخيل اللي طموح بشكل مرضي للثراء والبحث عن المادة..
هنا بتول رصدت لنا بداية تكوين الشخصية والعوامل المؤدية ليها من خلال تسليط الضوء على الأشياء اللي اتعرض ليها من بينها فقدان والدته والفقدان هنا مش الموت كان التخلي بمنتهى البساطة، طفل اتخلت عنه والدته ومش بس كده، لا المجتمع وصمه بوصمة عار تلازمه طول حياته “هو ابن خائنة” والسبب الأم السلبية الطيبة الصابرة اللي كانت بتدمر ابنها من غير ما تاخد باله اللي موجودة في بيوتنا كتير! والمصيبة إنه بسبب التنمر اتعرض للإغتصاب!
وكمان أتكلمت عن الطرق المناسبة للتعامل مع الشخصية بعد تشخيصها من خلال مختصين وطرق علاجها زي:
(العلاج النفسي وبيميل للتركيز على السلوكيات المؤيدة للمجتمع بأستخدام العلاج السلوكى المعرفي – العلاج الدوائى بسبب حدوث إضطرابات إضافية زى البارانويا والقلق فالأدوية مفيدة للحد من الأعراض دى كمكمل للعلاج النفسي – التحكم في نوبات الغضب النوع ده من العلاج بيستهدف الحد من العنف لعدم أنتهاك حقوق الآخرين)..
مش بس كده، لأ دي سابت الأمراض النفسية واستعرضت في رواية ليها بإسم “عشق ناضج وعشق مجنون” العلاقات الطبيعية وضرورة التفاهم في العلاقات ونجاحها بدون التطرق لأي مشاهد “جريئة أو ساخنة” زي ما بيقول عنها الناس لقيناها بتثبت فيها إنها مش معتمدة على أي مشاهد جنسية زي ما بيدعي البعض!
على الرغم من أنها بتلاقي أنتقادات كتير من بعض الناس ليها بسبب تحدثها عن العلاقة الجنسية (بين الأزواج) اللي في صميم المرض النفسي و ده يرجع لسبب أن في بعض الناس بتخاف من أى حاجة جديدة عليهم وبيترعبوا يتكلموا في اي حاجة بتحصل في أوضة النوم، هى ببساطة بتفكر برا الصندوق وبتأيد فكرة ضرورة العلاج النفسي وأن المجتمع محتاج يغير الفكرة العقيمة للمريض النفسي على أنه مجنون وبسبب ده أحنا بلاقي أشخاص كتير مش سويين نفسيآ و ده بيأدى لمشاكل مجتمعية كتير أوى..
الخلاصة أن بتول بتتناول مشاكل مجتمعية وأمراض شتى واللى أهم من المرض الجسدى هو المرض النفسي، والأمراض النفسية آفاقها كتير جدا، وبتتناول المواضيع بأسلوب جديد ومختلف وفي نفس الوقت بأسلوب علمى، زي ما أوسكار وايلد قال “والكتب التى ينعتها الناس بأنها منافية للأخلاق هى التى تكشف للأنسانية عن عوراتها”
رواياتها ضمت كل المشاكل المجتمعية أو أغلبها على وجه الدقه، بالنسبة لى مش مجرد روايات بعتبرها مرجع كامل عن أهم المشاكل المجتمعية اللى بنعانى منها، ياريت بعض الناس يشوفو أبعاد الروايات ويكون فيه نظرة عميقة مش سطحية .. أتمنى نظرتنا متبقاش سطحية ونوسع معرفتنا وندى فرصة لنقل الصورة كاملة بدون حكم مسبق ..