إن اختيار و تحديد موضوع ما للكتابة عنه و نقل ما يجول بخاطرك بكل أمانة للقارئ لهو شئ صعب للغاية ، خاصة لأنه المقال الأول الذي ينشر عبر هذا الموقع الموقر ، ثانيا لقلم لا يكتب سوي ما يروق له في الوقت الذي يشعر فيه بأن لديه ما يقوله و يكتبه بكل صدق ناقلا أحاسيسه و مشاعره و رأيه للقارئ .
بينما أنا غارق في التفكير جالسًا في غرفتي متنقلًا من موضوع لآخر ليس أمامي سوي كوب القهوة التي أعشقها و صديقتي العزيزة كاندي تنظر لي بعينين ثابتتين و ضحكة مرسومة علي وجهها الجميل المعبر عن منتهي الحب و الإخلاص و الوفاء وجدتني ألتقط القلم و أحضر حالي للكتابة ، بالمناسبة أنا لا أمسك بالورقة و القلم إلا إذا كان الموضوع حاضر بقوة في ذهني و علي يقين بأنه في حالة إمساكي للقلم فسوف ينطلق كاتبا و ناقلا و مترجما لكل ذرة تخص هذا الموضوع .
لقد كانت كلبتي الوفية كاندي هي ملهمتي و صاحبة الفضل في حسم الأمر ، فأردت أن أسجل و أوثق وجود كلبتي في حياتي بهذا المقال المميز .
كاندي من فصيلة الجولدن ريتريفر المعروفة بالجمال ليس في الشكل فقط و لكن في الطباع أيضا ، فهي فصيلة صديقة للعائلة حادة الذكاء و لديها القدرة الكبيرة علي استيعاب التدريبات المختلفة .
دخلت حياتي منذ ثلاث سنوات كنت أنا القائد و المدرب بالنسبة لها فلم أستعن بمدرب خاص ليقوم بتدريبها فأنا محب للكلاب منذ الصغر و اقتنيت العديد منهم ، لكن هذه هي المرة الأولي التي أقتني هذه الفصيلة . فصيلة رائعة بحق لا تميل للشراسة لكن عندها من القوة ما يدفعها لأن تهب حياتها فداءا لصاحبها .
خلال تلك السنوات الثلاث حملت كاندي مرتان ، و كانت هذه أيضا المرة الأولي التي أقتني فيها كلب أنثي و أخوض معها تجربة الإنجاب . كانت المرة الأولي لها و لي بمثابة حدث جلل .
رأيت في عينيها نظرة الاستنجاد و الخوف و كأنها تقول لا تتركني كن بجانبي ، و بالفعل كنت بجانبها طوال فترة الوضع من أول جرو إلي آخر جرو إذ كانوا عشرة جراو ، إستغرقت حالة الوضع هذه قرابة الخمس ساعات . تجربة مثيرة مليئة بالأحاسيس و المشاعر المتبادلة فتارة بالتشجيع و تارة بالطمأنينة من جانبي إلي أن أفاقت و تماسكت فإذا بها ترد و تظهر حبها لي و شكرها بأفعال لا يعرفها و يفهمها سوي مقتنوا الكلاب . لا أخفي عنكم سرًا فقد زاد حبي لها بالفعل .
أري فيها الشقاوة شقاوة الطفل المنطلق الذكي ذو الصحة الجيدة فهي تلعب للعب و تجري كأنها في سباق و تقفز كالفرس القوي الذي لا يعوقه عائق .
أما التجربة الثانية في الحمل و الوضع فقد شاء القدر أن تكون مع بداية أزمة كورونا ، إذ كان الحمل في شهر فبراير و الوضع في شهر إبريل ، يا لها من مصادفة و مغامرة محفوفة بالمخاطر ، ففي حين وجدت أناس كثيرون يستغنون عن حيواناتهم الأليفة خوفا من كورونا وجدتني أخاف أكثر علي تلك المسكينة التي لا حول لها و لا قوة ، و رغم أننا مررنا بنفس التجربة و أصبح لدينا خبرة إلا أننا – أنا و هي – عيشنا نفس لحظات الخوف و القلق لكنها كانت أسهل و أسرع و الجراوي أكثر – ما شاء الله – إثني عشر جرو .
لكن هذه المرة لم تستعد كاندي قوتها و عافيتها سريعا إذ أصيبت بحمي و وجدتها تلفظ أنفاسها الأخيرة بمعني الكلمة و كان الوقت متأخرًا و بالطبع كنا في وقت الحظر ، لقد كانت المسكينة لا تقدر علي شرب الماء من الإناء الخاص بها ، فتحت لها صنبور الماء الأرضي بالحمام فاستطاعت بحمد الله أن تشرب و إستعنت بصديق نصحني بشراء عدة أنواع من الأدوية من الصيدلية ، وجدتني أنزل من بيتي الساعة الثانية صباحا باحثا عن صيدلية فاتحة و الحمد لله وجدت و عدت سريعا إلي المنزل لأعطيها الأدوية بمساعدة زوجتي جزاها الله خيرا ، و شفيت كاندي بحمد الله في اليوم التالي .
هل تعرف عزيزي القارئ كيف كانت نظرات كاندي و هي تحتضر ، نظرات وداع جعلتني أبكي ، نعم فهي تنظر لي مستنجدة و كأنها تقول لا تتركني هكذا افعل شئ أنقذني أرجوك خاصة و أن لديها صغار يجب إرضاعهم فلم يمر سوي أسبوع علي ولادتهم ، لقد كنت ملهوفا عليها و خائفا بحق و أيقنت أنني فعلا أحبها و أنها أصبحت بمثابة إحدي ابنتي ، يا له من حب صادق متبادل خالي من المصالح يفيض منه الوفاء بدون مقابل .
إنها تجلس الآن عند باب الغرفة غارقة في النوم لا تدري أني أكتب عنها مخلدا و موثقا وجودها في حياتي .
لن أخوض في حرمانية إقتناء الكلب أو نجاستها لكن لدي سؤال واحد ، نعرف جيدا أن القبول هو من عند الله سبحانه و تعالي فمن وضع له القبول في الأرض حبه الناس بالقياس علي هذا المبدأ كيف للكلب أن يكون نجس و يحرم إقتنائه و هو لديه القبول بين الناس ؟!!
حبيبتي كاندي أعتز بوجودك في حياتي و حياة أسرتي التي بلا شك أنتي جزء منها ، و رغم أنني كتبت هذا المقال بإسمك إلا أن القلم قد عجز عن التعبير عن حبي لكي .