خبر أونلاين

الحمد لله

بقلم عاصم صبحي

 

إنني علي يقين من أنك قرأت العنوان ، و علي يقين أيضاً من أنك قد تعيد قراءته مرة أخري الآن للتحقق من قراءته ، أو لما تردد داخلك من صدي صوت قراءته ، و الآن و قد بدأت تقرأ محتوي المقال أرجو منك أن تعيد قراءة العنوان لكن بتأنِ و بتروّ و بإستيعاب ، أما و قد قرأته فإسمح لي أن أدعوك للتفكر فيه ، قد تتساءل و كيف أتفكر فيه ؟! ، إذًا فتوقف عن القراءة الآن و اغمض عينيك لمدة عشرة ثوان دون أن تفكر في شئ علي الإطلاق ثم أعد فتحها و أكمل القراءة .
” الحمد لله ” علي نعمة البصر فمنذ ثواني معدودة كنت في عداد المكفوفين ، تلك نعمة عظيمة قد منّ الخالق بها علينا أليس كذلك ؟ ، سوف تقول ” بلي ” ، إذًا دعني أدعوك للتفكر ثانية ، ألا يعتمد وضعك الحالي علي حواس أخري بخلاف البصر ؟ ، بالتأكيد بلي ، فأنت الآن ممسك بهاتفك و تقرأ من خلاله ، ماذا لو سقط هذا الهاتف من يدك ثم حاولت إلتقاطه و لم تستطع ؟ ، و ماذا لو أنك ممسك بهاتفك لمجرد التصفح و مشاهدة مقاطع الڤيديو و مشاهدة الصور ليس إلا أي أنك أمي لا تقرأ ؟ .
قد مررت لتوك بكلمة الخالق أليس كذلك ؟ ، لقد قصدت أن أدرجها في سياق حديثي حتي أستدل بها ، فمن هو الخالق ؟ بلا شك و بكل يقين و قطعًا هو ” الله ” ، فما من خالق سواه ، ” قل الحمد لله ” ، ليس بأمري و إنما بأمر من الله ، فمتي وصلت و تعرفت إليه ” قل الحمد لله ” ، قال الخالق سبحانه و تعالي في كتابه الكريم : “وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ” آية ٢٥ سورة لقمان ، و في غير موضع بالقرءان الكريم أمرنا الله بحمده .
دعنا الآن نتدرج في الحديث و نتطرق لموضوع الساعة ، غلاء الأسعار ، ما من سلعة في الأسواق إلا و قد ارتفع سعرها ، هناك بعض السلع التي بالرغم من ارتفاع سعرها إلا أنها لاتزال في متناول قدرتنا الشرائية ، قد نستغني عنها بعض الوقت لكن ليس كل الوقت ، و قد يقل استهلاكنا لها عن المعتاد حين كانت رخيصة السعر ، و هناك بعض السلع التي خرجت عن قدرتنا الشرائية و أصبح الإستغناء عنها فرض عين ، ضججنا جميعًا من جنون ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه بل و الأدهي أنه بشكل يومي ، فزعنا جميعًا كون الفقر قد مس كل منا بدرجات متفاوتة ، جزعنا جميعًا كوننا استشعرنا الجوع ، لا لنقص في كل ما يندرج تحت مسمي مواد غذائية من طيور و أسماك و خضروات و فاكهة .. إلخ ، بل لعدم قدرتنا علي شرائها و توفير احتياجاتنا منها .
زيارة واحدة لإحدي الأسواق الشعبية الآن تكفيك للإطلاع علي ضجر الناس من معيشتهم ” العيشة و اللي فيها ” .
وسط بحر الحياة اليومية المتلاطمة أمواجه تري الناس تعافر و تقاوم و تتشبث بكل ما من شأنه أن يبقيها علي قيد حياة اليوم و ليس غدًا ، فغدًا علي الله و الله أعلم ، لكن أين الله في حياتهم اليومية هذه ؟! ، قد يصلّون و يدعون ، قد تسمع الباعة في الأسواق يقولون ” قول يا رب ” ، لكنهم نسوا الحمد و غفلوا عن الشكر و لم يلزموا الاستغفار فضاقت بهم دنياهم و حياتهم إلا من رحم ربي .
سيطر الخوف و القلق علي لقمة العيش علي ألباب و مشاعر الناس ، شغلتهم الأرزاق عن الرازق فشحت و استعصت عليهم فقست قلوبهم ، يقول الله تعالي : “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ” آيه ٢٨ سورة الرعد .
و إذا ما تيسر حال اليوم و توفرت احتياجات المرء تجده يفكر في الغد و يحمل الهم و يثقل كاهله بما لا طاقة له به ، فيغفل عن شكر الله علي نعمه .
علي ذكر سورة لقمان بالقرءان الكريم ، و هي بالمناسبة من أحب السور إلي قلبي ، و لقمان هو أحد الصالحين الذين منّ الله عليهم بأعظم النعم و هي الحكمة و الأعظم أن جاء ذكره في القرءان بتخصيص سورة تحمل اسمه فتصبح سيرته قرءان يتلي إلي أن يرث الله الأرض و ما عليها ، يقول الله تعالي في كتابه الكريم في سورة لقمان : “وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ” آيه ١٢ ، اسمح لي أن أدعوك لقراءة الآيه مرة ثانية و تأمل بليغ الحكمة فيها ، تجد أن الله عز و جل قد منّ علي لقمان بالحكمة و قمة الحكمة ” أن اشكر لله ” ، شكر الله و حمده هو حجر الأساس لنجاة النفس و تنجوا النفس بالإيمان ، أما النفس الخاسرة فقد كفرت بأنعم الله و لم تشكره و تحمده ، ” و من كفر ” جاءت مباشرة للتعبير عن الذين لم يشكروا ربهم ، ثم مبلغ الحكمة ” فإن الله غني حميد ” ، الله غني ان شكر العبد فإنما شكر العبد لنفسه ، و الله غني بما عنده من خير كثير في الدنيا و الآخرة لمن شكر و رضا و كان قلبه مطمئنًا .
أستطيع بفضل من الله أن أعدد لك الآيات و الأحاديث التي تتحدث عن الشكر و الحمد لله ، لكن نكتفي بهذا القدر لعله يكون مبلغ الحكمة المرجوة ، و الخلاصة و ليس بعد قول الله قول أني أُذكّر نفسي و إياكم في هذه الأيام الصعاب أن لا مفر من الله إلا إليه فاحمدوه و اشكروا له ، و أخلصوا النية له و توبوا إليه و استغفروه إنه كان غفاراً ، و لعلها فرصة سانحة هذه الأيام المباركة و ما يليها من شهر كريم نستقبله إن شاء الله بخير و يمن و بركات ، شهر رمضان أعاده الله علينا و عليكم باليسر ، كل عام و أنتم بخير .
” هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ” آيه ٦٥ سورة غافر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق