مقال

ناقوس خطر

عاصم صبحي

ناقوس خطر

تعددت نواقيس الخطر من حولنا ، و أقصد من حولنا محيطنا الجغرافي نحن المصريين ، شمالاً و جنوبًا ، شرقًا و غربًا ، و في نطاق أوسع إقليميًا ، حتي إن قروع نواقيس الخطر من حولنا قد أصم آذاننا .
سُعِّرت نار الفتن حتي اشتد لهيبها في الشرق الأوسط المكلوم ، فها هو طنين الناقوس الشرقي يعلو صوته منذرًا بشر مستطير ، يتأهب لإكتساح البوابة الشرقية المصرية ، و إعادة احتلال شبه جزيرة سيناء ، تحت مسمي جديد يدعو له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .
فما لبث أن تولي هذا الأخير مهام منصبه في الشهر الماضي ، حتي أعلن و يعلن و يشدد علي ضرورة تهجير الشعب الفلسطيني المقيم بقطاع غزة بأكمله ، مدعيًا تطهير القطاع من جيوب المقاومة الفلسطينية ، بالتالي ضم القطاع إلي الأراضي المحتلة سابقًا من الكيان الصهيونى المدعو اسرائيل ، و هذا تحت القيادة الأمريكية و الملكية بوضع اليد الأمريكية للقطاع .
تحديات غير مسبوقة تهدد استقرار و أمن المنطقة ، و خاصة مصر ، مما يضع مصر و دول المنطقة أمام مخاطر جسيمة تتطلب يقظة و استجابة استراتيجية فورية ، حيث إن اسرائيل مدعومة بدعم مباشر من الولايات المتحدة ، كما اتضح علنًا خلال الاجتماع الأخير الذي جمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، تواصل سياستها التوسعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ” اسرائيل دولة صغيرة الحجم تحتاج للتوسع ” تصريح الرئيس الأمريكي ، في تجاهل تام للقرارات الدولية و مبادئ القانون الدولي .
فالنظر امتد أيضًا إلي الضفة الغربية ، و باتت النية واضحة من ضم أجزاء من الضفة لإسرائيل في انتهاك صارخ جديد لحقوق الشعب الفلسطيني ، مما زاد من عوامل تأجيج التوترات الإقليمية ، بالتالي زيادة مخاطر اندلاع مواجهات عنيفة قد تمتد آثارها إلي دول الجوار ، و خاصة مصر ، مصر التي تعاني من تحديات داخلية كبيرة ، تجد نفسها الآن تقف وحيدة في مواجهة صلف و عنجهية الرئيس الأمريكي ، و طمع و إجرام رئيس الوزراء الإسرائيلي ، فالولايات المتحدة ، الحليف الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل ، تلعب دورًا محوريًا في تعزيز السياسات الإسرائيلية من خلال الدعم السياسي و العسكري و المالي غير المحدود ، بشكل واضح فاضح في عكس الإرادة الدولية و الشعبية في أنحاء العالم ، هذا الدعم من الإدارة الأمريكية ، بغض النظر عن إنتمائها الحزبي ، يعزز من شعور الإفلات من العقاب لدي القيادة الإسرائيلية المدانة دوليًا .
أصبح الآن مما لا شك فيه أن السياسات الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا تزيد من خطر التصعيد العسكري في المنطقة ، و تنذر بإحتمالية اندلاع حرب واسعة النطاق ، مثل هذا السيناريو سيكون له عواقب كارثية علي مصر ، فهي قلب العالم العربي و الإسلامي النابض ، و هي صمام الأمن و الأمان في المنطقة ، و من ناحية أخري تسعي مصر للحفاظ علي وحدة كامل أراضيها ، خاصة سيناء و قناة السويس هذا الممر المائي الأهم في العالم ، و مصدر رئيسي للدخل القومي المصري .
عليه فإن السياسات الإسرائيلية و الأمريكية باتت لا تؤثر فقط علي الأمن الإقليمي ، بل أيضًا علي الإستقرار الداخلي لدول المنطقة ، فإن الشعور العام بالظلم و الإحباط جراء الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل يغذي مشاعر الغضب و السخط بين الشعوب العربية ” المغلوب علي أمرها ” ، هذه المشاعر يمكن أن تتحول إلي احتجاجات و اضطرابات داخلية حقيقية و ليست مفتعلة ، خاصة في دول مثل مصر ، حيث تلعب القضية الفلسطينية دورًا مركزيًا في الوعي السياسي و الاجتماعي .
خلاصة القول ، أن السياسات الإسرائيلية و الأمريكية في الشرق الأوسط تشكل ناقوس خطر يدق بقوة ، محذرًا من مخاطر جسيمة تهدد استقرار المنطقة بأكملها ، علي مصر و دول المنطقة أن تتحلي بالحكمة و اليقظة في التعامل مع هذه التحديات ، و أن تعمل علي تعزيز التضامن العربي لمواجهة هذه السياسات التي تهدد مصير المنطقة و مستقبلها .
و في ظل هذه الظروف يصبح من الضروري إعادة النظر في أمور عدة ، أهمها اتفاقية السلام الموقعة بين مصر و اسرائيل ، و التي أصبحت حبرًا علي ورق ، من ثم إعادة النظر في التحالفات الإقليمية و الدولية ، و السعي نحو حلول عادلة و شاملة للصراعات التي تعاني منها المنطقة ، فقط من خلال التعاون و التضامن يمكن للشرق الأوسط أن يتجاوز هذه الأخطار و يبني مستقبلًا أكثر استقرارًا و أمانًا لشعوبه .. و لله الأمر من قبل و من بعد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق