مقال

صحبة العمر

بقلم عاصم صبحي

صحبة العمر

قد تسألني ما الجديد في تجمع يحدث في العام مرتين لمجموعة كبيرة من أصدقاء و زملاء الدراسة ، مرة في شهر رمضان تجمعهم مائدة إفطار كبيرة يأتون إليها سعياً من كل فج عميق ، يحرصون علي التواجد فيها ، مسلم و مسيحي ، و إن كنت ميزتهم هنا فذلك لعلم القارئ ، لكن فيما بينهم فلا مجال للتمييز إلا لما تفرضه العقيدة ، لا يتخلف عن تلك المائدة إلا ذو عذر عظيم ، دائما و أبدًا تظلهم سماء الاسكندرية و يحتضنهم شاطئها و مياه بحرها ، و لعل هذه الأخيرة ما تميز اللقاء الثاني ، حيث الجو الصحو و السماء الصافية و الرمال البيضاء و المياه الفيروزية ، حيث الساحل الشمالي و لقاء أكتوبر من كل عام .
ما أن ينقضي يوم اللقاء حتي يتطلعوا إلي اللقاء التالي بل و يشتاقون إليه كأنهم لم يلتقوا منذ عهد ، و إذا ما التقوا تشعر كأنهم لم يفترقوا ، غريب أمرهم ، أجلس معهم و بينهم و أنا واحد منهم أراقبهم و أراقب نفسي بينهم ، أري الملامح و قد تبدلت و عادت لسابق عهدها يوم أن كنا في. المدرسة بإحدي المرحلتين الاعدادية تارة و الثانوية تارة أخري ، إلا أن الحديث فيما بينهم فهو حديث رجال أصحاب مسئوليات عظام ، ما بين مشاكل عمل هنا و مشاكل أبناء قد بلغوا مرحلة الجامعات هناك ، حوارات دسمة حول أحوال المعيشة و الاقتصاد و ارتفاع الأسعار و السياسة .
تخيل أن شباب بالمرحلة الاعدادية أو الثانوية يتحدثون في مثل هكذا مواضيع ، سبحان الله فتبدل الملامح هذا إنما هو من الراحة النفسية التي تلازم هذه اللقاءات ، فتنبسط الأسارير و تنشرح النفس و تهدأ الأعصاب فيستعيد الوجه نضارته و شبابه و حيويته ، و مما يعزز و يدعم هذه المشاعر و يقويها ظهور عضو أو فرد كن أفراد هذه الدفعة المحترمة قد طال غيابه فيمثل حضوره بعد طول غياب فرحة عارمة و يحتفي به أيما احتفاء ، فيكون اللقاء علي شرفه ، و أخص بالذكر أحد الطيور المهاجرة التي عادت و حطت رحالها في وطنها الأم بين أصدقائه و صحبة عمره و زملاء دراسته ، هذا الطيب الخلق و المعاشرة و اللسان ” خالد خطاب ” ، شخصية قلما تجود بها الحياة في زماننا هذا ، و لعل هذا يكون الجديد ف لقائنا هذا ، ليس فقط الطيب سالف الذكر ، لكن الروح الطيبة عامة السائدة بين أفراد خريجي كلية سان مارك ، و خاصة بين أفراد آخر الرجال المحترمين دفعة ٨٧ ، إذ أن تغير النفوس بتغير الزمن ، و فساد الأخلاق و الضمائر و ندرة الصالح منها بين الناس ، قد جعل من هذه اللقاءات ملاذًا آمنًا يُهرع إليه طلبا للراحة و الصفاء النفسي بين الأخوة و الخلان ، دمتم بصحة و عافية و بخير حال و إلي اللقاء القادم بإذن الله تعالي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق